أكد حاكم "مصرف ​لبنان​" ​رياض سلامة​ في حديث خاص لـ"الإقتصاد"، على هامش افتتاح أعمال "المنتدى الإقتصادي المصرفي"، أن القطاع المصرفي اللبناني يشهد تطوّراً طبيعياً وإيجابياً هذه السنة، متوقّعاً أن تنمو الودائع في العام المالي الحالي بنسبة تتراوح بين 6% و7%.

وأشار الى أن السيولة المتوفّرة حالياً في القطاع كافية لتمويل القطاعين الخاص والعام في لبنان.

كما لفت سلامة في حديثه لـ"الإقتصاد" الى أن مصرف لبنان كان قد تلقّى مؤخراً طلبين لعمليّتي اندماج، إلاّ أنه لا يوجد أي طلب اندماج في الوقت الحالي.

من جهته، رأى رئيس جمعية المصارف ​فرنسوا باسيل​، في حديث خاص لـ"الإقتصاد" على هامش المؤتمر، أن النشاط الإقتصادي في لبنان خلال الربع الأول من هذا العام لم يكن ممتازاً لكنّه لا بأس به نظراً للأوضاع التي تمرّ بها المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً وعدم وجود رئيس جمهورية وعدم وجود أي إصلاحات.

الى ذلك، طالب بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وإجراء انتخابات نيابية، مشدداً على أن لا نموًّا حقيقياً إلاّ من دون وجود سلطات.

وعن النشاط الإقتصادي، قال باسيل لـ"الإقتصاد" إنه ما زال بطيئاً رغم أن الشركات ما زالت تتقدّم بطلبات قروض من المصارف من أجل الإستثمار. هذا فيما أكد أن المصارف حاضرة لدعم المؤسسات التي تريد الإستثمار في لبنان، وحتى الصغيرة منها.

وردًّا على سؤال "الإقتصاد" حول كيف يستطيع اتحاد المصارف العربية  العمل في ظل التوترات الأمنية الخطيرة في الوطن العربي، قال الأمين العام لـلاتحاد وسام فتّوح إن الإتحاد كان أمامه خياران في ظل هذه الظروف، إمّا العمل في المكاتب أو البيوت، أو التحرّك بالطريقة التي يتحرّك بها الآن، وهو الخيار الذي اعتمده، مشيراً الى أن الإتحاد تمكّن من التحرّك والنجاح بدعم من المصارف والمؤسسات المالية العربية وبدعم الإعلام.

هذا فيما أوضح أن القطاع الخاص جاهز ولديه إمكانية تمويلية كبيرة، أمّا القطاع العام، إذا كنّا نتحدّث عن الحكومة مثلاً، فمن أكثر أولوياتها تأمين الإستقرار الأمني والسياسي.

وأضاف أن، في لبنان، الفرص الإستثمارية والبيئة التشريعية موجودتان والإصلاحات الإقتصادية ممكن أن يتم تنفيذها، لكن من يؤمن الإستقرار الأمني والسياسي؟ فقد شدد على أن هذا الإستقرار هو أهم نقطة للإستثمار، إذ لا يستطيع أي مصرف أن يموّل أي مشروع في حال شعر أن هذا المشروع في خطر بسبب الظروف الأمنية والسياسية.

وفي حين اعتبر فتّوح أن لا إرادة حقيقية تولي الشأن الإقتصادي أهمية، طالب السؤولين السياسيين اللبنانيين بالتحلّي بالإرادة والمسؤولية. واتّخذ من مصر مثالاً، لافتاً الى أن مسؤوليها كانوا يتمتعون بالإرادة وقاموا ببعض الإصلاحات الإقتصادية والتشريعية، كما أقاموا مؤتمراً ضخماً حصد استثمارات كبيرة.

Displaying BO4W5653.jpg

جاء ذلك خلال افتتاح أعمال "المنتدى الإقتصادي المصرفي اللبناني" بعنوان: "التوجّه الإستراتيجي للتنمية الإقتصادية والإجتماعية"، بدعوة من اتّحاد المصارف العربية، بالتعاون مع مصرف لبنان ووزارة الاقتصاد والتجارة والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات. وبحضور حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة، وزير الإقتصاد آلان حكيم، والرئيس الفخري للإتحاد العام لغرف التجارة العربية ​عدنان القصار​، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان "إيدال" ​نبيل عيتاني​.

سلامة

وفي كلمته خلال المؤتمر، أوضح سلامة أن مبادرات مصرف لبنان تهدف إلى تمتين الثقة بالقطاع المصرفي والمالي وإلى صون الإستقرار النقديـ لافتاً الى أن المحافظة على التدفقات النقدية نحو لبنان هو أمر أساسي لتمويل القطاع الخاص والقطاع العام وللإبقاء على نسب فوائد مقبولة. كما أشار الى أن مصرف لبنان سيبقي على الفوائد المعمول بها حالياً طوال سنة 2015.

وأضاف إن تراجع أسعار النفط وأسعار السلع يشجعنا على الحفاظ على سيولة مرتفعة في الأسواق، دون أن يهدّد ذلك استقرار الأسعار. والهدف من ذلك هو تحفيز الطلب الداخلي في وقت نواجه فيه، على غرار بلدان المنطقة، تراجعا في الطلب الخارجي وفي التجارة البينية العربية، بسبب ظروف سياسية وأمنية صعبة في منطقتنا.

كذلك رأى أن تطوير نظام مدفوعات بين الدول العربية يمتاز بالفعالية والشفافية من شأنه أن يشجع التجارة بين البلدان العربية التي باتت بحاجة اقتصادية لنظام كهذا.

وأوضح أن هيئة الأسواق المالية تقوم بترخيص صناديق الاستثمار، وهذا الترخيص الزامي، وبمراقبة تسويتها وبتنظيم التداول بالأوراق المالية والعملات والسلع، وهي تراقب هذه الانشطة وستُفصح إلى الأسواق عن الممارسات الشاذة كما يخوّلها القانون. هذا فيما قررت هيئة الأسواق القيام بما يلزم للترخيص لسوق إلكترونية تتيح التداول الرقمي بالأسهم والعملات والسلع والسندات وتشارك فيها المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية، على أن تشرف مؤسسة ميدكلير على التسوية والمقاصة. يمكن أن تُدار هذه البورصة الإلكترونية من بورصة بيروت إذا قامت الحكومة بخصخصة بورصة بيروت، استنادا لما ينصّ عليه القانون. وفي حال لم يتمّ ذلك، فستكون هذه البورصة الإلكترونية مستقلةً ومملوكة من القطاع الخاص.

الى ذلك، أكد أن الهدف من خلال ذلك هو توفير السيولة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وإيجاد المخرج المناسب للشركات الناشئة إن اختارت أن تُباع الى الجمهور، لافتاً الى أنه يسعى إلى تخفيض مديونية القطاع الخاص، مما يحرّر أموالا للإستثمار ويخلق فرص عمل.

باسيل

من جهته، أكد باسيل أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي الركيزة الاولى التي ينبغي ان يقوم عليها اي توجه استراتيجي للتنمية الاقتصادية، مشيرا الى ان الشراكة يجب ان ترافقها ركيزتان اساسيتان هما اللامركزية الادارية اصلاح الادارات العامة.

القصار

أمّا القصار، فقد أكد أهمية الإهتمام بالطاقات البشرية والشبابية والمسارات، والتأهيل اللازم لمتطلّبات الإقتصاد الحديث.

حكيم

وفي كلمته، أشار الوزير حكيم الى أن الإقتصاد اللبناني يعيش حالة من الرقود ناتجة عن انكماش حركة الإستثمار. هذا فيما شدد على أن لا نموًّا من دون استثمارات، ولا استثمارات من دون سلامة الوضعين الأمني والسياسي، معتبراً أن ما يزيد خطورة الوضع هو تفاقم البطالة نتيجة المنافسة للعمال السوريين.

وبينما أكد أن لا نهوضاً للإقتصاد، ولا جذباً وتحفيزاً للإقتصاد، ولا نموًّا مستداماً وحماية لللإقتصاد إلاّ بانتخاب رئيس للجمهورية، لفت الى أنه يتطلّع بإيجابية الى كل ما يمكن أن يصدر من خطوات إيجابية وملموسة من شأنها تعزيز الإقتصاد.

وفي السياق عينه، لفت حكيم الى أنه بات من الضروري: تحسين القطاع العام وتفعيل القطاعات العامة ووضع وتنفيذ الإصلاحات الإدارية، وتشجيع الإستثمارات من خلال ضبط الأمن وتأمين مناخ ملائم، وتحفيز خلق فرص عمل، وتطوير ومواجهة البرامج التربوية لملاءمة سوق العمل، وأيضاً تحسين البنية التحتية.

عيتاني

بدوره، جدد عيتاني الإلتزام بدعم جميع المستثمرين المحتملين والوقوف الى جانبهم وتوفير المساعدة اللازمة لهم. كما أكد دعم القطاع المصرفي والمؤسسات المالية. هذا فيما دعاهم الى شبك الأيدي والوقوف مع مؤسسة "إيدال".

وفي الختام، كان تكريم للوزير حكيم راعي المؤتمر.