تتأرجح السياحة في لبنان اليوم بين أمرين لا ثالث لهما؛ فمن جهة لا تزال تواجه المقاطعة العربية، ومن جهة أخرى تقع رهينة الأمن الهش الصامد "على كف عفريت".

فبعد فترة عصيبة شابها الكثير من التوترات الأمنية والتجاذبات السياسية، واعتراها العديد من المحاولات لاثارة الفتن وتشويش عقول اللبنانيين، نعيش حاليا في ظل "شبه استقرار"، ممزوج بترقب وحذر، ومجبول بتخوف من المرحلة القادمة. اذ يكثر الحديث عن "حرب الربيع" المتوقعة بين الجيش اللبناني والمسلحين على الحدود الشرقية، مما يزيد من صعوبة تحقيق موسم سياحي صيفي واعد.

ومع الاقتراب من عيد الفصح، وقرب انتهاء الربع الأول من 2015، كان لـ"الاقتصاد" حديث خاص مع أمين عام إتحاد المؤسسات السياحية في لبنان جان بيروتي، لتقييم أداء هذا القطاع في الفترة الأولى من العام الجاري، والاطلاع على توقعاته للحركة السياحية ونسبة اشغال الفنادق خلال عيد الفصح، وفصل الصيف القادم.

- هل سيتحسن برأيك الوضع السياحي مع الاقتراب من عيد الفصح؟

في الوطن العربي، لا توجد عطل رسمية بمناسبة عيد الفصح، وبالتالي لا يمكن أن يشبه شهر شباط من ناحية السياحة الشتوية والتزلج. اذ شهدنا حركة لا بأس بها خلال شباط.

ولا بد من القول أن عيد الفصح هو للبنانيين القاطنين في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها من البلدان الذين قد يتوجهون الى لبنان لقضاء العيد مع عائلاتهم. بينما اللبناني في الوطن العربي لا يحصل على عطل من أجل القدوم الى لبنان خلال هذه الفترة.

كما أن السياحة الأوروبية، وتحديدا السياحة الثقافية الأوروبية، الى لبنان هي غير ناشطة علما أن هذا موسمها. وهذا الأمر سيشكل عائقا أمام أن تكون عطلة عيد الفصح ناشطة سياحيا.

- وبالنسبة الى نسبة اشغال الفنادق، هل شهدت ارتفاعا خلال هذه الفترة؟

لا ارتفاع في نسبة اشغال الفنادق خلال شهر آذار، ولو كانت بعض الاحصاءات تشير الى ارتفاع نسبة الاشغال في فنادق 4 و5 نجوم في بيروت. لكنها تبقى أرقام بسيطة آتية من عدم.

واليوم من المؤكد أن الوضع السياحي في لبنان ليس في أفضل أحواله، خصوصا أن كل الاعلام الذي يدور من حولنا يتحدث عن "حرب الربيع"؛ اذ لا وسيلة اعلامية، أو مسؤول سياسي لا يتحدث عن هذا الموضوع. فكيف لنا أن نتوقع سياحة مزدهرة والناس تنتظر الحرب؟

وبالتالي نتمنى أن يسحب هذا الحديث من التداول، لأن هناك امكانية لحدوثه، كما توجد امكانية لعدم حدوثه. فلنتكلم عنه عندما يحدث، وليس ضروري الاضاءة عليه بهذه الكثرة، وضرب القطاعات الحيوية في لبنان لمجرد امكانية الحدوث.

- كيف تقيم الوضع السياحي خلال الربع الأول من العام 2015، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2014؟

نحن تقريبا في المستوى نفسه بالنسبة الى لبنان بأكمله، اذ نشهد ارتفاعا بسيطا في نسبة الاشغال وتدني في ثمن الغرفة، ولكن النتيجة نفسها.

للأسف فإن الأسواق السياحية التي لا تزال تقصد لبنان خلال هذه الفترة هي العراقية بامتياز، وهناك تراجع في الأسواق التي كانت تعد أساسية مثل الاردنية والخليجية. لكن شهدنا في شهر شباط، ارتفاعا في السوق السعودي، اذ بلغ العدد 4800 سائح في شباط 2015، بالمقارنة مع 3000 سائح في شباط 2014. وذلك بسبب وجود الثلج.

- هل أنت متفائل بالنسبة الى موسم الصيف القادم اذا ما استمر الوضع الأمني والسياسي على ما هو عليه اليوم؟

اذا توقفت الأحاديث السياسية عن امكانية حدوث حرب في الربيع وعن استحقاقات عسكرية كبيرة على لبنان، فبالطبع أنا متفائل لأن لبنان يبقى حاجة سياحية بالأساس للبنانيين وللعديد من الأشقاء العرب من حولنا.

انما هذا الحديث المتداول اليوم في الاعلام والسياسة، هو جريمة اقتصادية بحق لبنان.

- كمؤسسات سياحية بحرية،  هل سيؤثر القرار رقم 142/1 المتعلق بفرض رسم سنوي مقطوع على المكلفين بضريبة الدخل بدءاً من 2015، بشكل سلبي عليكم؟

عندما زار أمين عام المنظمة العالمية للسياحة لبنان، حدد 3 شروط أساسية من أجل انطلاقة سياحية. أولا التواصل في الطيران مع الجهة التي ستأتي الى الدولة. وثانيا تسهيل الحصول على تأشيرة الدخول الى لبنان وغيرها من الأوراق. ثالثا، والعامل الأهم بالنسبة اليه، هو تخفيف أية ضرائب مباشرة على السائح منها ضريبة التأشيرة، ودخول المطار وغيرها، وذلك من أجل اطلاق مقصد سياحي.

لكن لا بد من الاعتراف أن الدولة لديها التزامات مالية كبيرة وعبء مالي كبير، إنما أعتقد أن المؤسسات وتحديدا السياحية منها، لديها مشاكل أكبر من مشاكل الدولة. فبعض القطاعات وضعها أفضل ولكن ليس السياحة.

وبالتالي فإن المنحى بأخذ القرارات التي تعنى بفرض المزيد من الضرائب، وهذه  السياسة هي غير مقبولة، اذ لا يمكن أخذ الأموال من جيوب خالية من أجل اعطاء جيوب أخرى خالية أيضا.

- هل ستغلق بعض المؤسسات السياحية خلال موسم الصيف القادم بسبب ضعف الحركة؟

اذا كان الوضع السياحي معدوم، فهناك العديد من المؤسسات الموسمية التي قد لا تفتح أبوابها.

فأهمية القطاع السياحي في لبنان هو أنه صغير ومتوسط، والذمة المالية لصاحب المؤسسة مرتبطة بالذمة المالية للمؤسسة، وبالتالي فهو مستعد لبيع ثيابه قبل اغلاق مؤسسته، لذلك نشهد اليوم صمود الى حد ما.

ليس من مصلحتنا أي تراجع في السياحة، الذي قد يؤدي الى تراجع في الخدمات والاداء السياحي الذي نتميز به في لبنان. فالمعيار ليس اغلاق بعض مؤسسات، بل بفتح المؤسسات أبوابها أم لا. ففي العام الماضي لم تفتح المؤسسات أبوابها في منطقة بحمدون وصوفر، فلنرى ان كانت ستتمكن من ذلك هذا العام.

- تكبدت المؤسسات البحرية العديد من الخسائر بسبب العواصف التي ضربت لبنان خلال موسم الشتاء الماضي. الى أي مدى كانت الخسائر ضخمة؟ وهل الدولة تتعاون من أجل التخفيف من حدة الأضرار؟

تكبدت المؤسسات السياحية البحرية أضرارا كبيرة جدا، ولكن لا تعويض أبدا على القطاعات الانتاجية في لبنان. واليوم كل الزملاء ينتظرون التراخيص من أجل البدء بأعمال الصيانة، ونأمل أن نحصل عليها في المستقبل القريب.