رغم فورة البناء الناشطة في معظم المناطق ال​لبنان​ية عكس الحركة التجارية البطيئة، فان  حجم البيوعات العقارية هو في تراجع ملحوظ ،في ضوء اجواء سياسية وامنية ملبدةالى جانب ارتفاع غير مسبوق في اسعار الشقق،وهو  يتجاوز قدرة اللبنانين المقيمين دون ان يجذب المغتربين الذين يفضلون التريّث.

وفيما يتخوف بعض المراقبين من استمرار الركود في القطاع بعدما شهد خلال السنوات الاخيرة حركة اقبال شديد  وتصحيج في الاسعار لجهة الارتفاع، يؤكد بعض العاملين في مجال البناء بانه سيبقى صامداً ولن يكون من تراجع يذكر في اسعار الشقق، لا بل المستثمرون هم بانتظار صدمة ايجابية سياسية وانتعاش اقتصادي منشود.

باختصار القطاع العقاري امام علامة استفهام كبيرة : اين هو اليوم؟

نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان مسعد فارس يعترف في حديث لـ"الإقتصاد" أن القطاع العقاري ليس اليوم في حالة جيدة ، وهذا ليس بمفاجأة في ضوء  ما يحصل حولنا بدءا من سوريا الى الدول المجاورة كافة، مع تردداتها على الوضع العام في لبنان على كافة الصعد من  الاقتصاد الى السياحة وغيرهما... ان بدء المشاكل في سوريا وتداعياتها على لبنان السياسية والأمنية شكّلت ضغطاعلى سوق العقار، لكن هذا القطاع هو مثل كل لبناني مرن ومثابر ومتجذّر في أرضه ووطنه ولا يعود الى الوراء ابداً.

وأيضاً هناك التحفيزات التي قام بها مشكوراً مصرف لبنان وقد ساهمت بابقاء ولو قسم من هذا القطاع يعمل بدون مشاكل. أعني بذلك أن كل الشقق التي ما دون 700 أو 800 ألف دولار ما زال وضعها جيداً بين مؤسسة الاسكان وبنك الاسكان والقروض المصرفية المدعومة من مصرف لبنان.التراجع هو في الشقق الكبيرة والتي سعرها مرتفع . وهذه الشقق موجودة خصوصاً في قلب العاصمة بيروت.

ويطمئن فارس الى ان المطوّرين العقاريّين يسعون جاهدين لتسويق هذه الشقق، وهم اليوم مستعدون لاجراء الحسومات، وهناك بعض الأشخاص الذين يستفيدون من هذه الفرص ويقدمون على الشراء. ودعا من هو بحاجة الى شقة أو يريد الاستثمارللاستفادة من هذه الفرص المتاحة ؛لانه الوقت المناسب لاتمام عملية الشراء مع هذا العرض  المرن من  الأسعار اليوم ، سيما وان السوق هو لصالح الشاري والمسثمر .

لبنان ليس بلد فرقعات عقارية بتاتاً

وويوضح مسعد انه عندما نسمع أن هناك جمودا في الأسعار فانما هذا يطال الشقق الصغيرة المطلوبة جداً اليوم ،ولا نستطيع القول أن الأسعار باهظة. بالتأكيد لا يوجد فرقعة عقارية ولسنا بصدد تحضير لفرقعة؛ لبنان ليس بلد فرقعات عقارية بتاتاً، لأن من يشتري هو من يريد السكن في لبنان ولا وجود لاية  مضاربات. وتجدر الملاحظة الى  أنه في لبنان لا يمكن أن يشهد السوق العقاري اي تراجعات  كبيرة بالأسعار مثل البلدان الكبرى؛ لأن  هذا البلد صغيرالمساحة الجفرافية،  وأرضه عزيزة .كما ان العقار هنا غال على قلب الانسان معنوياً.

وعن عامل ندرة مساحات الاراضي المساهم الاكبر في رفع الاسعار، يؤكد أنه  سبب من اسباب رفع الاسعار على ما هي عليه ؛ففي العاصمة بيروت مساحات الاراضي قليلة جداً، ومن الطبيعي أن تكون أسعارها على ارتفاعدائم ومستمر . ولفت هنا  الى ان ما يعتبر اليوم سعر مرتفع في هذا القطاع  سنجده في الغد والمستقبل غير ذلك.. هذا هو لبنان وهذا هو حال  العقار في لبنان.

ويكشف مسعد انه بعد  تلعثم  السوق خلال الاربع سنوات الماضية،  اليوم الأسعار  المعروضة  هي مرنة ؛ الا ان هذا لا يعني بتاتاً انه هناك  لافتات مرفوعة  تشير الى امكانية  اجراء الحسومات على الاسعار، ولكن زيارة  المطورين ومناقشة  هذه الاسعار معهم  امر ضروري ومفيد .كما ان التعامل مع الوسطاء العقاريين المنتمين الى "نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان" هو السبيل الوحيد لترشيد من يريد الاستثمار او الشراء بفضل التعاون والمساعدة المقدمان للحصول على أفضل العروض من المطورين. كما يمكن الاتصال بالنقابة لاعطاء معلومات وأسماء وعناوين ترشد وتوّجه كل من يريد شراء شقة.

وعن الاقتراح  القاضي بفرض غرامات معينة على الشقق المعروضة للبيع او للايجار في اطار تنشيط السوق وتخفيض  الاسعار يقول : في العادة يتم رفع اقتراحات حول تحفيزات  معينة لتنشيط الاقتصاد المنتِج ولا يتم  اقتراح الضرائب. معظم الناس لا يعلم ما هي الأعباء التي يتكبّدها المطوّر العقاري. ان ثلث أو أكثر من كلفة البناء يذهب الى الدولة بين رسوم مختلفة وضرائب.  ونحن لا نترك مناسبة الا ونشرح فيها هذا الموضوع  للناس والدولة معا.فالدولة تنظر  دائماً الى  العقار كبقرة حلوب والناس يرون في المطوّر العقاري الرابح الأكبر. نحن كمطوّرين وكوسطاء عقاريين ندعو الجميع الى حضور ورشة من ورشات العمل التي نقيمهالفتح  كل الملفات وألاوراق ولتبيان ما هي الأعباء المترتبة علينا  وبالمقابل ما هي الأرباح التي نجنيها. نحن لا نقول أن المطوّرين يخسرون أو يعملون كجمعية خيرية، ولكن ايضاً  ليس كما يعتقد الناس بأن الأرباح كبيرة  وهي بهذا الحجم الخيالي.

اكتمال حملة الفساد بالمكننة

وهل ان حملة وزير المال علي حسن خليل ضد الفساد في مديرية الشؤون العقارية قد انعكست على القطاع ؟ وفي اي اتجاه؟

يقول فارس هنا: "مشكور معالي الوزير لالتفاته الى الدوائر العقارية، ولكن محاربة الفساد لا تكتمل الّا بالمكننة وبوضع جداول تخمين معمّمة على جميع الادارات، لأننا نعاني من التخمين العشوائي من ادارة الى ادارة. ما فعله معالي الوزير فيه من الشجاعة ونحن نشدّ على يده للعمل بعد والتطهير أكثر وأكثر. بكل صراحة، حتى الساعة لا نستطيع القول أننا لمسنا أي أثر ايجابي أو سلبي على القطاع من هذه الناحية. ان الموظفين الجدد ليسوا متمرّسين بالقوانين، ويجب أن يخضعوا لدورات تدريبية أكثر. ولكن نأمل خير أن تصبح المعاملات أسرع وبدون فساد.

وعن مستقبل سوق العقارفي ظل هذه الظروف  يقول : لا شك أبداً من خلال خبرتي ومعلوماتي أن المستقبل رائع والعقار في لبنان دائماً وسيبقى الاستثمار الأضمن، وأكيد أي تحسّن في السياسة والأمن والوضع الداخلي والوضع الاقليمي سيؤثر ايجابياً على السوق العقاري وبوتيرة سريعة جداً. لذلك أكرّر القول أن من ينوي شراء منزل فليفعل الآن ولا ينتظر لأنه الوقت المناسب للشراء.

يذكر اخيراً انه وفق آخر المعلومات المتوافرةعن احصاءات مديرية الشؤون العقارية في وزارة المالية، تراجع حجم مبيعات ​العقارات​ في كانون الثاني الماضي، بنسبة بلغت نحو 32 في المئة عن كانون الثاني 2014.

فقد سجل كانون الثاني الماضي انخفاضاً ملحوظاً على مستوى مبيع العقار، إذ بلغ مجموع عدد العقارات 19376 عقاراً، فيما بلغ مجموع المعاملات والعقود 10215 معاملة وعقداً. وبلغت الأثمان المذكورة في عقود البيع 783 ملياراً و751 مليوناً و85 ألف ليرة.

كما تراجعت رخص البناء خلال الشهر الأول من السنة الحالية حوالي 20 في المئة مقارنة مع الشهر الأول من العام الماضي.