أصدر وزير المال علي حسن خليل، الأسبوع الماضي، القرار رقم 142/1 المتعلق بفرض رسم سنوي مقطوع على المكلفين بضريبة الدخل بدءاً من 2015. وحدد القرار هذه الضريبة التي يستحق تسديدها سنويا قبل 30 ايلول من كل سنة، كالآتي: مليونا ليرة للشركات المساهمة وشركات التوصية المساهمة، 750 الف ليرة للشركات المحدودة المسؤوليّة، 550 الفاً لشركات الأشخاص والمؤسسات الفرديّة المكلّفة على أساس الربح الحقيقي، 250 الفاً للأفراد المكلفين على أساس الربح المقطوع،50  الفاً للمكلفين على أساس الربح المقدر. وهذا الرسم المقطوع هو رسم ثابت على المكلّف الذي عليه تسديده للخزينة كضريبة اضافيّة غير متعلقة بحجم العمل والنشاط ونتائجهما.

ولهذا الموضوع جانبين، البعض يرى فيه فائدته الكبيرة للخزينة لما يشكله من إيرادات إضافية لها والبعض الآخر يرى فيه ضغطاً إقتصادياً على المؤسسات اللبنانية بدل تحفيزها. لذا، ولمعرفة المزيد من نتائج هذا القرار، بالإضافة إلى موضوع تمويل سلسلة الرتب والرواتب، كان لنا هذا الحوار مع رئيس "الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز" شارل عربيد:

- ما هي الآثار السلبية للقرار رقم 142/1 على المؤسسات، في ظل هذه الظروف الإقتصادية الصعبة؟

أولاً، أشار شارل عربيد إلى أنه سيعمل لمراجعة وزير المال بخصوص هذا القرار متمنياً عليه إعادة النظر لأن ظروف المؤسسات والنشاط الإقتصادي برأيي غير ملائمة خصوصاً أنه يزيد الأعباء على الشركات وهي أصلاً تعاني في هذه الظروف. في البداية اضطلعنا على القرار 142/1 الذي أصدره وزير المالية علي حسن خليل وطبعاً هو من الإجراءات التي يحاول من خلالها الوزير تأمين موارد للخزينة.

القرار صدر في العام 2000 ولكنه لم يطبّق، وبدورنا سنتصل بالوزير ونلفت نظره إلى انعكاسات هذا القرار على وضع المؤسسات اليوم خاصةً التجارية التي تعمل تحت منظومة الإمتيازات وبيع التجزئة، والتي سيكون القرار قاسٍ بالنسبة لها لأن بيع التجزئة ومنظومة الإمتيازات قائمة على تعدد الفروع، وشهدنا في الأعوام الأخيرة انكماشاً اقتصادياً وتراجع في الإستهلاك والأسواق لذا فالوضع الإقتصاد العام هذا المنحى الإنحداري وبسبب ما يجري حولنا من أحداث يدفعنا إلى الطلب من الوزير إعادة النظر في الموضوع، خاصةً لجهة المؤسسات المتوسطة والصغيرة، فالمؤسسات الكبيرة قد تتحمل هكذا رسوم، لكن المؤسسات الصغيرة أو تلك التي قد تكون بالشكل القانوني شركات مساهمة ولكن ليس بالضرورة أن تكون أعمالها كبيرة من حيث الأرقام، وبالتالي تشكل هذه الرسوم عبء إضافي على ما تعاني منه المؤسسات.

نتمنى أن تتم إعادة النظر في هذا القرار وفي توقيت تطبيقه لأنه من الممكن أن يكون من الصعب جداً تحمله.

- هل برأيك سيدفع القرار الكثير من المؤسسات إلى الإقفال؟

لا أعتقد أن ضريبة من هذا النوع ستدفع بالمؤسسات إلى الإقفال، ولكن أعتبر أن الضريبة هي عبء على المؤسسات من الصعب تحمله، وأشدد على إعادة النظر في "توقيت" تطبيق هذا القرار حتى تتحسن الأوضاع ويعود التمويل والإستهلاك إلى طبيعته، ما يجعل تحمله أسهل.

نتفهم هدف الوزير بإيجاد مداخيل إضافية إلى الخزينة ولكن المؤسسات التجارية ليست كباقي القطاعات الأخرى كالقطاع المصرفي مثلاً الذي يتحمل الضرائب والرسوم.

- بعد عودة إرتفاع أسعار النفط العالمية واستبعاد احتمال الإستفادة من إنخفاض الفاتورة النفطية لحل قضية سلسلة الرتب والرواتب، ما هي الحلول الأخرى الممكنة؟

أولاً أنا لا أعتقد أن انخفاض أسعار النفط كان سيكون كافياً لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، واليوم أسباب عدم تمويل السلسلة لازالت قائمة، فلا تزال المداخيل غير واضحة والتمويل سيكون من مصادر غير متوفرة، لذا لا يمكننا أن نقول أننا لم نكن قادرين على تمويل السلسلة واليوم أصبحنا قادرين، الوضع الإقتصادي ليس متجهاً نحو التحسن، أقله في أول شهرين من العام، كما تشير الأرقام، لذا لا زلنا في تراجع وبالتالي أي أعباء وضرائب إضافية على المؤسسات سيكون من الصعب جداً تحملها. نتفهم الحاجة لإيرادات إضافية للخزينة ولكن نحن بحاجة إلى مصادر أخرى غير التي يتم التكلم عنها.

وفي النهاية أنا لست مقتنعاً بأن ما حققناه من وفر في موضوع الطاقة والكهرباء سيذهب لتمويل السلسلة.

- ما رأيك بالمعاهدة الجمركية بين لبنان والإتحاد الأوروبي التي دخلت حيز التنفيذ في بداية هذا الشهر، ألا تعتقد أن لبنان سيخسر بسبب الفارق الكبير في الميزان التجاري بينه وبين الإتحاد الأوروبي؟

هذا الموضوع ننظر له من منظارين، الأول هو أن الإنفتاح على الأسواق العالمية ودخول السلع والخدمات اللبنانية إلى الأسواق الخارجية أمر ضروري، وأن المعاهدة يجب أن تكون حافز لنا كي نكثّف تصديرنا للدول التي تميّزنا بالإعفاءات الضريبية (وهذه روزنامة قديمة ولها علاقة باتفاقيات اقتصادية عمرها 10 سنوات)، ومن منظور آخر هو خوفنا على الصناعة اللبنانية التي ترزح كما كل القطاعات اللبنانية تحت وطأة ضغط اقتصادي عالي، فكلما قلّصنا الرسوم من ناحية كلما انخفضت امكانية التنافس بين الصناعات اللبنانية في الداخل.

المطلوب لنتخطّى هذا الموضوع، أن يكون هناك سياسة واضحة لتحفيز الصناعة والتصدير اللبناني للخارج، وهذه تحتاج إلى عملية دقيقة جداً بتخفيض كلفة الإنتاج في لبنان والصناعة اللبنانية من جهة ، ومن جهة أخرى إيجاد إمكانية للتسويق أكثر للسلع والخدمات والإمتيازات اللبنانية إلى الخارج، وهذه الخطوات مطلوبة من الحكومة للنهوض بقطاعاتنا للتصدير بشكلٍ أكبر وليصبح لدينا إمكانيات أكبر للمنافسة. لذا، وضع رسم جمركي ليس حلاً دائماً أبداً، ولكن من ناحيةٍ ثانية لدينا صناعة وامتيازات واستهلاك في الداخل يجب أن نحفزه ونهتم به.

- ما هي توقعاتك للنمو الإقتصادي هذا العام؟

عام 2014 لم يكن من أفضل الأعوام كما تشير الأرقام، وعام 2015 لا يبدو أفضل بكثير في حركة شهري كانون الثاني وشباط، اللذان تميزا بصعوبتهما. أنا لست مطمئناً جداً، ولكن بالتمنيات، اتمنى أن يكون عاماً جيداً، أما بالوقائع والأرقام، لا أعتقد أن 2015 ستكون أفضل من 2014، لذا نحن نطالب بسياسات كبعض التقشف، الإنتاجية وتحفيز التصدير، التي لا يقوم بها المسؤولون في هذا الإتجاه، وذلك لأن الهمّ الإقتصادي لا يزال غير موجود ضمن هموم السياسيين.