لا احد ينكر اهمية وضرورة وفعالية حملة سلامة الغذاء التي بدأها وزير الصحة وائل ابو فاعور للشعب ال​لبنان​ي بكليته بكل فئاته على مساحة الوطن كل الناس يأملون  بأستمرارها ومتابعتها ودعمها وتفعيلها حتى  المتضررين والمخالفين أنفسهم لا ينكرون ذلك الا أن  التشهير الذي رافقها واستغلالها من قبل الاعلام بشكل سيء في كثير من الاحيان  خلفت اثارا سلبية جدا اذا لم نقل  كارثية على بعض القطاعات.

الحملة لاقت اعتراضات كثيرة تحت عناوين متعددة هناك من أعترض بسبب عدم المعرفة بالمطلوب من المواصفات وهناك من أعترض على طرق الكشف وأخذ العينات والبعض قال انه بريء وان هناك أحكاما متسرعة جرى التراجع عنها فيما بعد واتفق كل المعترضين على أن الاعلام أستغل الموضوع وأساء كثيرا الى سمعة البضائع والمنتوجات اللبنانية.

الاسبوع الفائت كان دور الصناعات الغذائية التي تضم    180مصنعا  التي أطلقت صرختها بوضوح خلال الغداء التكريمي الذي اقامته النقابة على شرف الاعلاميين في 28 شباط  بحضور وزير الصناعة علي الحاج حسن الذي القى كلمة بالمناسبة تبين من خلالها انه يعرف تماما حجم المشكلة التي شرحها النقيب  منير بساط في كلمته وكان للأقتصاد فرصة للاستماع الى اراء الصناعيين الذين أكدوا  لنا على ان  حجم الخسارة التي مني بها القطاع  كبيرة حيث قال مصدر للاقتصاد ان التصدير الى الدول العربية تراجع 35% في الشهرين الاخيرين فضلا عن السمعة السيئة في الخارج والتي لمسها المشاركون اللبنانيون بمعرض الخليج للاغذية "جلفود"2015 في دبي حيث سمعوا من الزوار  ما يشاع  عن منع للمنتوجات اللبنانية من قبل الحكومة اللبنانية  ورأوا عمليا وبأم العين ردود الفعل وقلة الاقبال على الاجنحة اللبنانية بعد ان كان الصناعيون اللبنانيون   وسعوا حجم  مشاركتهم هذا العام املين بأقبال اكبر من العام الذي سبق لكنهم عادوا بخيبة الامل.

الصناعات الغذائية لديها مأخذ عديدة على التشهير قال النقيب –خصوصا  المتسرع في كثير من الاحيان  قال:"المجرمون وتجار المخدرات المتورطون كليا بالافعال الجرمية تذكر الاحرف الاولى من اسمائهم في الاعلام بينما ان كان هناك شك باحدى العينات غير المطابقة يذكر اسم الصناعي مع شجرة عائلته" مع الاشارة هنا الى ان اخطاء كثيرة تحصل في هذا المجال ويعودون عنها لكن الشهرة السيئة لا تمحى بسهولة من ذاكرة الناس ومن هنا الخسائر بملايين الدولارات التي تحملها اصحاب المصانع التي عادت وصلحت اوضاعها وباتت مطابقة نذكر صاحب احد مصانع الالبان الذي  تحمل 6 ملايين دولار خسارة وهنا استغل الاعلام الموضوع "احسن"اسغلال لتحقيق المنفعة المادية.

الصناعيون الذين تحدثوا للاقتصاد طلبوا  من الدولة المساندة والدعم والحوافز وان تقوم بواجباتها تجاههم  وتأمين الامور الاساسية اللازمة لقيام الصناعة في البداية قبل ان توجه لهم الضربات وتسيء الى سمعتهم في الخارج.

بدأت القصة مع مصنع معروف للالبان أوضح لنا   مصدر مطلع هناك مشيرا الى ان أحدهم   لجأ للاعلام  للاساءة  للاخر في صناعة الالبان ايضا  عبر الاعلام مما اضطر الاخر للرضوخ لللعبة والرد عبر تلميع صورته عبر الاعلام كذلك الاعلام  الذين استغلها واعجبته اللعبة وبدأ الاعلاميون يتنافسون ونصبوا انفسهم لاجراء الفحوصات بدل الجهات المختصة الخبيرة التي لها شروطها التقنية التي يجب ان تحترم وهذا ما لم يكن يحصل برأيي اصحاب الصناعات الذين يشككون بالنتائج.

وهنا نص الحوار مع المصدر المشار اليه انفا:

- هل ما سمعناه صحيح عن تراجع صادراتكم من بعد حملة سلامة الغذاء و ما هي مأخذكم عليها كونكم صناعات غذائية؟

في البداية نحن كصناعات غذائية 70% من إنتاجنا يُصدّر، أما في الشهرين الأخيرين بعد هذه الحملة, تراجعت صادراتنا الى الدول العربية بنسبة 35%, نحن مع التطوّر و لكن يجب أن يكون وفق الشروط التقنية المناسبة، و يجب أن تتضمن الحملة مواصفات معينة للفحوصات.

وشرح "ان الخبراء حين يزوروننا يلاحظون اولا امور بديهية مثل "اللمبة وغيرها"، وهناك من يحاسبنا من الخبراء على امور لا تتعلق بنا بل انها من مسؤولية الدولة، وحين نطالب بتسويتها واصلاحها يجيبوننا اجوبة متسرعة وغير دقيقة، بمعنى أخر المراقبين في بعض الاحيان ليس لديهم الخبرة الكافية.

هناك أماكن لا يوجد فيها تقنيين فعلين مُدربين، و كأنهم يُمسكون بكتاب التوراة ويريدون تطبيقه بحذافيره بينما الامور على ارض الواقع مختلفة تماما، وكل مصنع له وضعية خاصة.

في بعض الاحيان حين يراجع احد الذين اقفلت مصانعهم يقولون ان الملف موجود عند الجنائية ثم يتبين عدم صحة ما افيد به وان ملفه في مكان اخر.

*لكن صرّح الوزير أن هناك أشياء بديهية يتكلم عنها المراقبون لماذا لا تخضعون انفسكم لرقابة ذاتية قبل وصول المراقبين الصحيين فتنتف الحاجة لملاحظة المراقب..

ما يمكن أن أوكده لك كنقابة اصحاب الصناعات الغذائيّة أن الـ180 مصنعا لا يقبلون أي صناعي إذا كان لا يملك شهادة صناعيّة، لاننا نريد المحافظة على مستوى معيّن. فالشخص المالك للشهادة الصناعيّة يعني أنه يملك رخصة للتصدير إلى الخارج، فهو بنفسه يقوم بمراقبة ذاتية، لأن مصلحته هو الحفاظ على إسمه وسمعته في الخارج.

عندما بدأوا بهذه الحملة، كشفوا على الصناعات المُسجلة، ولكن الصناعات المخبأة والتي لا يعرفون بوجودها لم يُقترب منها أحد، فهناك أشخاص "يُصنّعون تحت الدرج" أي بدون تسجيل مؤسسات، وهذا ما يؤدي الى تضرر المصانع القانونية والمسجلة، وبذلك أصبحت المعامل غير القانونية  "رقم واحد" في التصدير.

ما فعلته الحكومة أدى الى إغلاق بعض مصانعنا في حين أن المصانع غير القانونية لا تزال تمارس عملها بشكل طبيعي.

- وما هو مأخذكم عن الإعلام؟

الموضوع بدأ أساسا في الإعلام، حيث أن مؤسستين صناعيتين يحارب أحدهما الأخر لجأ الى الإعلام، ومؤسسة إعلاميّة أُعجبت بالفكرة و شاركت باللعبة.

الأعلام كان له دور كبير، ولكن المشكلة أن الملف لم ينحصر في الإعلام المحليّ بل أصبح متداولا على الفضائيات أيضا، والفحوصات بدأت تتم على الهواء مباشرة !!! وأنا كتقني اؤكد أنه لا يمكن أن يتم فحص عينات على الهواء، فهناك معايير خاصة يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار.

نحن دفعنا و مولنا لنغير المواصفات علماّ أن هذا خطأ الدولة، ولكن قمنا بتمويله من جيوبنا وتحملنا الخسائر، نحن نريد أن نحسنّ أنفسنا ونقوم اليوم بورشات عمل وتدريب للمصانع وقد قمنا بتأسيس مدرسة مهنية لنرفع مستوى الموظفين، فنحن نعمل على هذا الموضوع ولكن الأمور لا يمكن أن تتغير في ليلة وضحاها فهي بحاجة الى وقت. لدينا في لبنان بين 500 و800 معمل مُرخص و لكن بالمقابل أكثر من 1000 معمل غير مُرخص، فالمطلوب من الدولة قبل معاقبتنا أن تحمينا، نحن لم نطلب أي دعم من الدولة، المطلوب فقط أن يحمون صناعاتنا ونحن بإمكاننا تطوير أنفسنا بأنفسنا.

الصناعات الغذائيّة أو  بالمجمل كل الصناعات و الشركات الكبيرة هي التي تموّل الدولة وليس العكس.

ولفت الى أن سعر الأراضي إرتفع كما أن هناك ضريبة على المازوت تصل الى 7000 ليرة، فبدلا من أن ندفع سعر الصفيحة  15000 ليرة نحن ندفع 22000، لذلك لا نستطيع أن ننافس، فأجرة العامل اللبناني مرتفعة، وتكلفة النقل كذلك.

لكن يجب أن لا ننسى أنه رغم هذه الاوضاع مازلنا مستمرين، وقمنا بإستغلال الظرف الإقليمي الراهن بأفضل طريقة، فالمنافس المصري لا يقوى على المنافسة نظراً للمشاكل الذي يواجهها، وكذلك السوري، بالإضافة إلى الحصار الذي وقع على تركيا، لذلك حققت الصناعات اللبنانية المصدرة الى الخارج نمواَ جيدا.

من المؤسف أن تأتينا الضربات من دولتنا، مع العلم أن كل البضائع التي تخرج من بلدنا تُفحص في الخارج مرّة أخرى فلوا كان لدينا مشاكل لكانت فضيحتنا أكبر.

- لكن لماذا تعتبرون أن هذا التراجع سببه الحملة و ليس الوضع الإقليمي الرديء؟

الوضع الإقليمي مضطرب منذ فترة ونحن كنا نحقق نمواً، وهذا النمو لم يتراجع إلا بعد الحملة الغذائية.

نحن نقيس معدلاتنا موسميّاَ ثمّ نقيسها في نصف السنة وأخيراَ نقيسها سنويّاَ، فالمقارنة بهذه المعدلات تكشف تضررنا موسميّاَ بسب الحملة الغذائية.

وأول شهر من الحملة كان الكارثة الأكبر حيث قدر الضرر بـ 80%، فمنذ بدء الحملة لم يأتي أي زبون جديد، بعد ان كنا من الرواد في هذا المجال.

في معرض دبي اعني معرض الخليج للاغذية "جلفود 2015 "شارك 47 شركة لبنانية، وكنا نحاول أن نقوم بنقلة نوعية، حيث كان العدد المشارك في السنة الماضية 37 شركة فقط. فزدنا وكبرنا المساحات ولكن النتيجة كانت عكسيّة, وهناك أيضا عدّة عوامل لعبت دورها بالإضافة الى الحملة،  فعلى سبيل المثال ظاهرة الإيبولا في أفريقيا  منعت الإفريقيين من المجيء.

بالإضافة الى ذلك فإن المعرض كان يتزامن مع معرض"ISM" في ألمانيا حول نفس الموضوع، فمن حضر المعرض في ألمانيا لم يأتي الى دبي. وفي المعرض سمعنا أشخاصا يتساءلون كيف سمح لنا بالتصدير ودولتنا تمنعنا من ذلك ّ!!، هنا نود ان نسأل عبر "الاقتصاد" ما هي الصورة التي تريد دولتنا تركها لنا.