دخلت المعاهدة الجمركية الموقعة بين لبنان والإتحاد الأوروبي حيز التنفيذ أمس (1 أذار 2015)، حيث سيتم بموجبها إعفاء كل البضائع المُستوردة من الإتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية، وكذلك الصادرات اللبنانية إلى دول الإتحاد.

إلا أن الفارق الكبير في الميزان التجاري بين لبنان والإتحاد الأوروبي سيجعلنا الطرف الخاسر في هذه الإتفاقية حيث ستتراجع الواردات الجمركية بشكل كبير، خصوصا أن نسبة الواردات من الإتحاد الأوروبي تشكل أكثر من 30% من واردات لبنان الإجمالية، كما أن سياسة فتح السوق اللبناني أمام البضائع الأجنبية  أثبتت عدم جدواها في السنوات الأخيرة الماضية، وأغرقت السوق اللبنانية بالبضائع الصينية والأسيوية، وأدت الى تراجع الصناعات الوطنية وإقفال العديد من المصانع.

فما هي تداعيات هذه الإتفاقية، وتأثيرها على واردات خزينة الدولة؟ وهل من إيجابيات؟ أسئلة أجاب عنها الخبير الإقتصادي إيلي يشوعي في هذا الحوار مع "الإقتصاد".

- كيف سينعكس تطبيق المعاهدة الجمركية بين لبنان والإتحاد الأوروبي على مدخول الخزينة؟ وهل هناك من إيجابيات؟

لبنان بلد يعتمد كثيرا على الإستيراد، والواردات من الإتحاد الأوروبي تشكل نسبة كبيرة من إجمالي الواردات اللبنانية، لذلك فإن هذه المعاهدة ستنعكس سلبا على واردات خزينة الدولة التي تأتي من الرسوم الجمركية.

فمثلا لبنان يستورد سنويا بحوالي 15 مليار دولار أميركي، ونسبة الواردات من الإتحاد الأوروبي تصل الى 30% من إجمالي الواردات تقريبا، أي تتجاوز قيمتها الـ5 مليار دولار، وإذا كانت نسبة الرسوم الجمركية تصل الى 10%، فإن خزينة الدولة ستخسر تقريبا 500 مليون دولار كل سنة. وفي المقابل لا تتجاوز صادراتنا الى أوروبا عشرات الملايين من الدولارات حيث أن هناك فارق كبير في الميزان التجاري بين الجانبين.

وهذه السياسة التي تسير بها الحكومة لم تبدأ اليوم، بل بدأت من أيام حكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري، التي فتحت الأسواق اللبنانية أما الواردات وأغرقت السوق بالبضائع الأجنبية، مما أثر سلبا على العديد من الصناعات الوطنية وأدى الى إقفال عدد كبير من المصانع، ونحن كنا دائما نقول أن هذه السياسة خاطئة، فكل دول العالم قامت برفع نسبة الرسوم الجمركية على البضائع الواردة إليها قبل أن تدخل الى "منظمة التجارة العالمية" وذلك بهدف حماية قطاعاتها ومنتوجاتها المحلية، إلا أن لبنان فعل العكس في العام 2000، حيث قام بتخفيض نسبة الرسوم الجمركية للدخول الى منظمة التجارة الدولية.

لذلك أنا أعتبر أن هذه السياسة خاطئة، وتريد تحويل لبنان الى "مول كبير" لا يصب في مصلحة القطاعات الإنتاجية المحلية، ويؤثر على الصناعات الوطنية. نحن في لبنان اليوم بحاجة الى خلق فرص عمل، والقطاعين الصناعي والزراعي هما القادرين على تأمين هذه الفرص والحد من هجرة الشباب، لذلك يجب أن تسعى الدولة والحكومة لوضع سياسات قادرة على تطوير هذين القطاعين وليس تدميرهما.

- بعد عودة إرتفاع أسعار النفط العالمية... هل مازال ممكنا الإستفادة من إنخفاض الفاتورة النفطية لحل قضية سلسلة الرتب والرواتب ؟

من قال أن أسعار النفط لن ترتفع مجددا، لا يمكن الإعتماد على السعر الحالي لبرميل النفط لأن هذا السعر إستثنائي، والطلب تخطى العرض بالصدفة، والدليل على صحة هذا الكلام أن الأسعار بدأت بالتعافي من جديد.

وأنا صرحت سابقا بأن هذا الأمر مؤقت، واليوم إنخفض العرض من جديد لأن شركات إستخراج النفط تكبدت خسائر كبيرة، لذلك فإن الوفر الذي حققه لبنان في فاتورته النفطية ليس كبيرا.

النفط سلعة نادرة، وسعره مركب من سعر سوق وسعر ندرة، لذلك لا يمكن أن يبقى عند 40 أو 50 دولارا بل سيعود تدرجيا ليتخطى الـ90 دولار للبرميل.

وفي المقابل نحن في لبنان نترك ثروتنا النفطية في أعماق البحر ولا نستفيد منها بسبب ردائة الطبقة السياسية، وثقافة الفساد المنتشرة، والمحاصصة، والذهنية المتخلفة والمؤذية للناس، والنهج الميليشيوي الذي لم ننتهي منه منذ عام 1975 وحتى اليوم.

- مع إقتراب نهاية الربع الأول من العام 2015... كيف ترى الوضع الإقتصادي بشكل عام؟ وما هي توقعاتك للأشهر المتبقية من السنة؟

الوضع الإقتصادي الى تراجع يوما بعد يوم، فالدين العام الى إرتفاع مقابل "ناتج محلي" لا يتخطى الـ45 مليار دولار. نحن اليوم وصلنا الى 70 مليار دولار دين في ظل إقتصاد ضعيف جدا، وكل سنة لدينا بين 4 و4.5 مليار دولار خدمة دين، في ظل صفقات ومصالح خاصة.