يعتبر توقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما على المبادرة الاقتصادية الدولية، محور السياسة الأميركية في آسيا، تهدف إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، وهي إتفاقية تجارية لعشرة من دول آسيا والمحيط الهادئ.

ولكن هذه الشراكة تواجهها عقبة رئيسية، الأغلبية من الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ يصران على أن تعالج الـ TPP وبقوة، التلاعب في أسعار الصرف، وقيام بعض الدول من خلالها على إبقاء عملاتها ضعيفة بشكل مصطنع لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

وعلى سبيل المثال أعلن قطاع صناعة السيارات في الولايات المتحدة، إلى أنه سيعارض المبادرة الاقتصادية TPP ما لم تتم معالجة المشكلة بشكل فعال، مستنداً الى أنصاره السياسيين في النقابات العمالية وصناعة الصلب.

ويبدو ان موجة النقد اللاذع الموجه ضد الـ TPP صحيحة لربط العملة والتجارة. لأن التغيرات في أسعار الصرف يمكن أن يؤثر على التدفقات التجارية والموازين التجارية أكبر بكثير من الحدود، و حتى ما وراء الحدود، والحواجز التي هي المحور المعتاد من الاتفاقات التجارية.

في الواقع، هو مجرد تشويه من الناحية الاقتصادية لخفض قيمة العملة، مثل ما فعلت الصين وعدد آخر من الدول على مدى العقد الماضي، كما هو الحال في فرض التعريفات الجمركية على الواردات المرتفعة ودعم الصادرات مباشرة.

ونتيجةً لهذا السلوك، عانت الولايات المتحدة في بعض الفترات من  عجز تجاري كبير مما أدى إلى فقدان الوظائف بوتيرة غير مسبوقة.

لقد كان النظام الاقتصادي الدولي غير فعال تماماً في الاستجابة لهكذا تلاعب. ولصندوق النقد الدولي "IMF" قواعد واضحة ضد التخفيضات التنافسية، ولكن لا يوجد لديه آلية تطبيق، وعملية صنع قراره مسيسة للغاية وسهلة المتلاعبين.

لمنظمة التجارة العالمية "WTO"، القدرة على فرض عقوبات قاسية، ولكن نظامها الخاص على أسعار الصرف غامضة ولم يتم اختبارها حتى اللحظة. وعلاوة على ذلك، على الرغم من الجهود في الكونغرس في وقت سابق، فقد أثبت القانون الأميركي عجزه. ولم تضغط أي إدارة في السنوات الـ 30 الماضية بإتجاه حل المشكلة بشكل فعال. والإحباط في الكونغرس وبعض العناصر في مجتمع الأعمال مفهوم تماما.

والآن وأخيراً، أمام الكونغرس النفوذ للإصرار على رد ذات مغزى: الحكومة تحتاج إلى موافقة تشريعية على "TPP" وربما لهيئة ترويجية للتجارة الجديدة "TPA"، بمعنى أنها سلطة للرئيس للتفاوض بشأن الاتفاقات التجارية التي يمكن للكونغرس قبولها أو رفضها ولكن ليس تعديلها أو تأخيرها. كما انها بحاجة أيضا للكونغرس للتصديق على شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي "TTIP" مع الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق بقليل.

والسبب الرئيسي أن مشاكل العملة لم يتم شملها في اتفاقات التجارة، سببها مؤسساتي، يتم التعامل مع المسائل النقدية والاقتصاد الكلي من قبل وزارات المالية، بما في ذلك وزارة الخزانة الأميركية، وصندوق النقد الدولي.

تدار السياسة التجارية عن طريق التجارة، أو التجارة الخارجية في بعض الأحيان، أو الوزارات المعنية ومنظمة التجارة العالمية. وتحرس كل زمرة رقعتها الخاصة بغيرة من الزمرة الأخرى، والتنسيق فيما بينهم نادر. هذا التشعب غير مريح للغاية، ولقد تم التغلب عليه في حالات نادرة، ولكن هو واقع مؤسف.

هناك أسباب موضوعية مفهومة لماذا قاومت الدول قواعد دولية صارمة على أسعار الصرف. جميع الدول تدافع بحماس عن حقوقها السيادية لإدارة اقتصاداتها، بما في ذلك العملةالوطنية، وهذه السياسات هي أهم بكثير من الرسوم الجمركية والتدابير التجارية الأخرى التي لا تنطبق إلا على منتجات أو قطاعات محددة.

وهناك إعتقاد على نطاق واسع أن أية جهود أميركية لشمل "طوابط عملة قوية وقابلة للتنفيذ" في الـ TPP، وفاً لما يطالب عددٍ كبير من أعضاء مجلس الشيوخ وقطاع صناعة السيارات، من شأنه نسف الاتفاق.