استضاف برنامج "المجلة الإقتصادية" للمعدة والمقدمة كوثر حنبوري في حلقته رقم 17، على أثير "إذاعة لبنان" الخبير الإقتصادي د.​غازي وزني​ وتم الحديث عن مجمل الملفات الإقتصادية القديمة الجديدة، والتي ترحلت من العام 2014 إلى العام 2015.

بداية، أشار د.غازي وزني إلى أن العديد من الأمور تؤثر على الوضع الإقتصاي في لبنان في الفترة الحالية منها الإضطرابات السياسية والأمنية في المنطقة بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط وصرف اليورو أما داخلياً فالفراغ الرئاسي وأزمة النازحين السوريين والأوضاع الأمنية الأخيرة  لها تداعيات واضحة على الإقتصاد اللبناني بحيث أن الأداء الإقتصادي في لبنان في عام 2015 الحالي بطيئ وهو امتداد للوضع في عام 2014 الماضي.

وأكد أن الوضع الأمني هو الأكثر تأثيراً بسبب التداعيات التي يخلفها على الإقتصاد نظراً لأنه خدماتي بامتياز ويعتمد بدرجة كبيرة على السياحة. فالمؤشرات الإقتصادية والخدماتية خلال الفترة بين أعوام 2011 و2014 سجلت تراجعاً بسبب الإضطرابات والأوضاع غير المستقرة داخلياً وخارجياً بحيث أن النمو الإقتصادي تراجع من 7% إلى أقل من 2% كما وخسر لبنان في الأربع سنوات الأخيرة أكثر من 900 ألف سائح وتراجعت الحركة الإستثمارية، بالإضافة إلى الحركة التجارية وقطاع الفنادق والقدرة الشرائية لدى المستهلكين،  بشكل كبير جداً مضيفاً أنه يمكن القول أن الجو العام مضطرب وقلق وغير مطمئن نتيجة الغموض الذي يتميز به الوضع الأمني والسياسي في لبنان وفي المنطقة.

أما بالنسبة للفراغ الرئاسي، قال وزني أن كافة الأحداث السياسية والأمنية تترك أثراً على الإقتصاد بشكل أو بآخر والفراغ الرئاسي الحالي بالإضافة إلى أن دور السلطة التنفيذية معطل، نتيجة القانون الجديد حول موافقة 24 وزير على الأقل على أي مشروع قرار ليدخل طور التنفيذ،  يؤدي إلى تعطيل صورة لبنان الخارجية، الأمر الذي يعطي إشارات غير مستقرة ومطمئنة عن لبنان للمستثمرين مؤكداً أن التحديات والإستحقاقات زادت في العام الحالي،  من أسعار النفط واليورو إلى أحداث "كازينو لبنان" الأخيرة، وبالتالي على الحكومة أن تتخذ الإجراءات اللازمة إما للإستفادة من التطورات أو أخذ التدابير لنأي لبنان عنها ومواجهتها.

وفي سؤال للمعدة والمقدمة كوثر حنبوري حول تصنيف لبنان الإئتماني، لفت وزني إلى أن للبنان وضع إستثنائي وفريد عن باقي الدول في العالم في هذا المجال، حيث أن وكالات التصنيف العالمية تستند إلى معطيات محددة وواضحة لإعتماد تصنيف بلد ما ومن هذه المعطيات الوضع الإقتصادي والمصرفي في البلد، بالإضافة إلى منحى الدين العام والعجز في المالية فيه، كما تلتفت إلى الوضع السياسي ودرجة استقراره ومدى تأثره بالتحديات التي يواجهها.

وقال: "تصنيف لبنان الإئتماني متراجع منذ عام 2011 نظراً إلى المنحى التصاعدي للدين العام والعجز المالي"، لافتاً إلى أن تراجع تصنيف الديون السيادية في لبنان أدى إلى تراجع تصنيف القطاع المصرفي اللبناني على الرغم من أن كافة المؤشرات حتى في ظل الأزمة التي تمر على لبنان منذ عام 2011، من تسجيل نمو بنسبة 7-8%، والنمو الجيد في التسليفات من 8-10%، والأداء المستقر والجيد للمصارف، تظهر أن القطاع المصرفي في لبنان متين وقوي حتى في أوج الأزمات الداخلية والسياسية. وهذا الأمر يجعل من الوضع الإقتصادي في لبنان مميز، بحيث أنه وفي ظل الأزمات المختلفة والخضات التي يواجهها الإقتصاد اللبناني، إلا أن الوضع المالي بالإضافة إلى أداء القطاع المصرفي مستقر وقوي وإيجابي مؤكداً أن: "لبنان مصاب بـ"انفصام الشخصية" اقتصادياً، فتركيبة الإقتصاد اللبناني عجيبة ولديه خصوصية لا نجدها في اقتصاد أي بلد آخر".

أما في ما يخص الأزمة السورية، اعتبر وزني أن الإجراءات الأخيرة التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية والأمن العام خطوة إيجابية لأنه حالياً يمثل النازحون السوريون 38% من عدد السكان في لبنان ما يشير إلى أن سياسة "الأبواب المفتوحة"  التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية منذ بداية الأزمة السورية هي من أسوأ القرارات بحيث أنها لم تقم بتنظيم الدخول السوري إلى لبنان كما فعلت البلدان المجاورة مما أدى إلى تفاقم تداعيات الأزمة على الإقتصاد اللبناني. وهذه الإجراءات الجديدة هي تصحيح عقلاني لتلك السياسية من دون استهداف أحد، ولها إيجابيات في ضبط الإنفلات الأمني نتيجة النزوح الكثيف بالإضافة إلى التخفيف من الأعباء التي فرضتها أزمة النزوح على الإقتصاد اللبناني والتي وصلت كلفتها إلى 4.5 مليار دولار سنوياً، عبء لا يستطيع الإقتصاد اللبناني أن يتحمله على الرغم من المساعدات الدولية التي لا تعتبر كافية لتغطية هذه الفاتورة المرتفعة،  وبالتالي فإن أزمة النزوح السوري والمقاربة المالية- الأمنية، التي لم تبدأ بها الحكومة بعد، يجب أن تكون من أولوياتها.

وفي موضوع أسعار النفط المتقلبة، أوضح أن التبرير الوحيد والأساسي لتدهور أسعار النفط عالمياً هو جيو-سياسي بحت حيث أن بعض الدول تستخدم هذا الإنخفاض كورقة ضغط ضد دول أخرى، وبعض الدول، بالإضافة إلى منظمة "أوبك"، تحاول الحفاظ على حصتها في السوق مقابل النفط الصخري على حساب استقرار الأسعار. وأضاف: "بالنسبة للبنان كدولة مستوردة للنفط، وعلى المدى القريب، لإنخفاض أسعار النفط تداعيات إيجابية على فاتورة الإستيراد التي تصل إلى 5.5-6 مليار دولار سنوياً بالإضافة إلى تحسن في ميزان المدفوعات ووضع المالية العامة نظراً إلى انخفاض العجز في مؤسسة كهرباء لبنان نتيجة انخفاض أسعار النفط" مؤكداً أنه، وعلى المدى القريب، ليس هناك تأثير أو انخفاض في تحويلات المغتربين اللبنانيين في الخارج إلا في حال استمرار الإنخفاض على المدى البعيد، وهو أمر استبعده وزني، ففي هذه الحالة يبرز التخوف من تأثر التحويلات المالية.

وتابع وزني أن لإنخفاض سعر صرف اليورو أثر إيجابي على الإقتصاد في لبنان فيما يخص الإستيراد من منطقة اليورو الذي يمثل 30%، فأسعار اليورو المنخفضة تؤدي إلى تراجع كلفة الإستيراد مما ينعكس توفيراً في العجز التجاري لميزان المدفوعات خاصة وأن الصادرات اللبنانية إلى منطقة اليورو قليلة.