أقفل العام 2014 باخفاقاته العديدة وايجابياته الضئيلة بالرغم من ان الأراء قد تختلف  حول تعداد السلبيات والايجابيات واهميتها من ناحية تأثير كل منها على الاقتصاد اللبناني.

"الاقتصاد" بعيدا عن التحليلات المعمقة سألت وزراء وفعاليات اقتصادية بارزة وخبراء عن سمة العام 2014 ما هي السمة الابرز لهذا العام برأيهم  أو ما هو التوصيف الذي يطلقونه على 2014 وبالتالي ما هي ابرز 4 أولويات مطلوبة في العام الجديد 2015:

د. جهاد ازعور: 2014 سنة استقرار

برأي وزير المال الاسبق د.جهاد أزعور ان  2014 هي سنة إستقر فيها الإقتصاد بالرغم من أن السياسات كانت غير موجودة وبالرغم من إرتفاع العجز وملف السلسلة الشائك، وعدم معالجة مشكلة النزوح السوري.

ولفت الى ان العام القادم يمكن ان يكون افضل قال: كان عام إستقرار بالرغم من عدم وجود سياسات مالية وإقتصادية واضحة. وفي 2015 مع تراجع سعر النفط وتراجع سعر اليورو يمكننا أن نحاول تحسين الوضع نسبيا وبنسبة قليلة. وبالتالي يمكن أن تكون أفضل من 2014.

ألان حكيم: 2015 يجب ان يكون عام  تطبيع الحالة اللبنانية

2014 هي عام التآكل الهيكلي، كان الإقتصاد فيه في حالة صمود والنمو كان إيجابيا نوعا ما ولكن ضمن إطار تآكل هيكلي.

أما المطلوب في 2015 لخصها في حديث خاص للـ"اقتصاد"هناك 5 نقاط مهمة جدا.

الأولى هي تسليح الجيش اللبناني الذي يعطينا الأمان، ووجود الأمان يساهم في تنشيط الإقتصاد

النقطة الثانية هو موضوع الإصلاحات الإدارية في القطاع العام. خصوصا تلك الأمور التي تؤثر على الإنتاجية، وكذلك الهدر.... لا نطلب حاليا إصلاحات على جميع الأصعدة، نريد إصلاحات ثؤثر إيجابا في موضوعي الهدر والإنتاجية.

النقطة الثالثة هو موضوع الوجود السوري، اللجوء السوري مستمر وموجود وليس هناك مهرب من هذا الملف، ولن نستطيع التخلص منه بسهولة. ما نريده في هذا الملف هو أمرين:

- ىتطبيق خطة تنظيم العمالة على الأرض

- تنسيق المساعدات الدولية

النقطة الرابعة وهي الأهم: موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فيجب البدء بالتنسيق والتعاون بين القطاعين العام والخاص، واليوم هذا الملف هو في طور التحضير وليس بحاجة إلا لدفعة صغيرة من الدولة اللبنانية. وعندما نتحدث عن الدولة اللبنانية فنحن نتحدث عن الأفراق السياسيين بكل صراحة. يجب أن يكون إقتناع لديهم بضرورة إقرار هذا القانون.

النقطة الخامسة والتي يجب ان تكون الاولى :إنتخاب رئيس للجمهورية والوصول الى قانون للإنتخابات، وإنتخاب مجلس نيابي جديد. إذا جمعنا كل هذه النقاط فسيكون الأمر أفضل بكل تأكيد.

ووصف العام 2015 بأنه يجب أن يكون عام تطبيع الحالة اللبنانية.

غازي وزني: 2015 سيكون عاما صعبا مثل 2014

من جهته الخبير الاقتصادي د.غازي وزني رأى ان  2014 هو نفس الوضع الإقتصادي والمالي الصعب الذي يعيشه لبنان منذ 2011 وحتى الأن والفرق الوحيد بالموضوع هو أن عدد النازحين السوريين إتسع بشكل كبير جدا حيث كنا نتحدث عن 1.1 مليون نازح سابقا، بينما اليوم نتحدث عن أكثر من 1.6 مليون نازح. أيضا الأزمة في المنطقة تطورت أكثر، حيث كنا سابقا نتحدث عن أزمة في سوريا، بينما أصبحنا اليوم نتحدث عن أزمة متعددة الأطراف، وهذا امر بالطبع  له إنعكاسات على الوضع الإقتصادي في لبنان، حيث كان النمو في 2014 اقل من 2% على غرار السنوات الاخرى.

هذه الازمة  طالت الكثير من القطاعات، فالقطاع التجاري مازال في حالة تراجع، والتجار تراجع نشاطهم أكثر من 30% تقريبا، كذلك الحركة السياحية كانت سيئة، رغم إستقرار عدد السياح مقارنة مع السنوات السابقة وهو حوالي 1.2 مليون سائح. الفنادق عانت بشكل كبير أيضا حيث أن نسبة الإشغال كانت أقل من 50%، وكذلك المطاعم التي تواجه اليوم مشاكل كبيرة جدا.

أما القطاع العقاري فهو يشهد اليوم حالة من الجمود في هذا الإطار، ومبيعاته خفيفة خصوصا في بيروت ، ولا أتوقع أي تحسن على المدى المنظور. أما فيما يتعلق بالمالية العامة فهي في وضع صعب ومتدهور، والدولة غير قادرة على إتخاذ أي إجراءات، ومازال الإنفاق يجري على القاعدة الإثني عشرية للسنة التاسعة بدون موازنة عامة، وهذا يؤدي الى تقييد قدرات الدولة الإصلاحية أو القيام بخطوات إيجابية على مستوى الإستثمار، والتقديمات الإجتماعية. أما الدين العام مازال في منحى تصاعدي، وهذا ما أدى الى تخفيض التصنيف الإئتماني للبنان من قبل وكالات التصنيف.

ولفت د.وزني في حديثه "للاقتصاد"الى ان القطاع المصرفي هو القطاع الوحيد المحصن والقوي والمتين ويحقق نمو لهذا العام بين 6 و 7%. هذا القطاع هو الذي يمنع إنهيار الإقتصاد اللبناني. إضافة الى تحويلات المغتربين وإجراءات مصرف لبنان التحفيزية.

- وردا على سؤالنا عن الحاجات  التمويلية للدولة، هل ترى أن لبنان سيواجه صعوبات؟

قال :لا أعتقد أن الدولة ستلاقي صعوبة في تغطية حاجاتها التمويلية، إن كانت بالليرة أو بالدولار. فبالليرة اللبنانية الإحتياجات هي تقريبا 6.2 مليار دولار، أما بالدولار والعملات الأجنبية فهي تقريبا 1.75 مليار دولار. لذلك لا أعتقد أن الدولة ستجد صعوبات من ناحية تلبية هذه الإستحقاقات، أما فيما يتعلق بتخفيف العجز للمالية العامة، يمكن أن تطلب المصارف رفع معدلات الفوائد على الليرة اللبنانية بسبب تخفيض التصنيف الإئتماني للبنان. أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية المتبعة في المرحلة المقبلة أعتقد ان 2015 سيكون صعبا كما 2014.

- تراجع أسعار النفط

وفيما يتعلق بتراجع اسعار النفط اشار د.وزني ان سعر النفط اليوم وصل الى أقل من 60$، والجميع يعرف أن السبب الرئيسي لهذا الإنخفاض هو سبب جيوسياسي، أكثر من الأسباب الإقتصادية. من هنا يجب أن يستفيد لبنان من هذا الإنخفاض، خصوصا فيما يتعلق بالعجز في مؤسسة كهرباء لبنان، الذي يجب أن ينخفض وينعكس إيجابا على المالية العامة. من جهة أخرى ستخسر الدولة قليلا من الإيرادات من الضرائب والرسوم بقيمة 200 مليون دولار.

يستفيد من هذا الموضوع أيضا ميزان المدفوعات، لأن الفاتورة النفطية تنخفض.

نقطة أخرى يستفيد منها لبنان، وهي إنخفاض سعر صفيحة البنزين، ولكن للأسف الشديد، هذا الإنخفاض لم ينعكس بعد على وسائل النقل ورغيف الخبز وغيرها، لأن هذه العادة المتبعة في لبنان، فعندما ترتفع أسعار المحروقات، يرتفع كل شيء، وعندما تنخفض تبقى الأسعار على حالها.

ولكن بشكل عام فهي إيجابية.

أما فيما يتعلق بتحويلات المغتربين من الدول النفطية، فإن هذا الإنخفاض في أسعار النفط لن يكون له تأثير على المدى القريب، ولكن إذا إستمرت هذا الإنخفاض على مدى طويل (سنتين أو ثلاث سنوات) فإن مداخيل اللبنانيين في تلك الدول ستنخفض وبالتالي سيؤثر ذلك على التحويلات.

جورج قرم: الاقتصاد اللبناني في عمل مستمر

في المقابل، كانت نظرة الخبير الاقتصادي والمالي ووزير المال الأسبق جورج قرم ايجابية، حيث اعتبر ان العام 2014 كان عام صمود اقتصادي لا بأس به، رغم كل المقالات التي تكتب باستمرار، والتي فيها نظرة تشاؤمية للغاية".

واضاف: " هناك مؤشرات اقتصادية ايجابية لا بأس بها في القطاعات اللبنانية التقليدية التي يرتكز عليها الاقتصاد اللبناني، كالحركة العقارية التي عادت الى شيء من النشاط، وحركة المرفأ والمطار أيضاً في زيادة، وبالنسبة للقطاع السياحي، فإن نسبة إشغال الفنادق بالمتوسط 50% في لبنان، وهي نسبة لا بأس بها في ظل الظروف السياسية والامنية التي نعيشها.. وأيضاً زيادة الودائع المصرفية والأرباح المصرفية".

"إذن الصورة ليست قاتمة من الناحية الاقتصادية، الليرة اللبنانية ثابتة، احتياطات "مصرف لبنان" جيدة، والمصرف يصدر مؤشر مركب من عدة مؤشرات فرعية يدل على زيادة لا بأس بها بالنشاط الاقتصادي في لبنان، بالرغم من كل الصعوبات التي منها -بطبيعة الحال- أعباء اللاجئين السوريين والتحديات الامنية".

وقال قرم: "مرّ العام، وصمد الجيش اللبناني امام التحديات الامنية، واجمالاً 2014 كان عام صمود.. أما النظرة التشاؤمية فتعود لخلفيات سياسية من قبل بعض الجهات، ولا أجد موضوعية في التحاليل الاقتصادية التي أقرؤها بالصحافة اللبنانية، ودائماً نجد تركيزاً على المؤشرات السلبية فقط دون المؤشرات الايجابية".

واضاف: "نحن نرى حكومة شبه عاجزة ومجلس نيابي عاجز تماماً، ولا توقعات بأن يتم عمل إنجازات، لكن نتمنى أن يتقدم ملف النفط، في ظل فضيحة التلكؤ الكبيرة فيما خص هذا الملف الحيوي بالنسبة لمستقبل الاقتصاد اللبناني".

كما تمنّى على المسؤولين المزيد من التشاور مع القطاع الخاص، ومع الجهات المانحة التي تساعد اللاجئين السوريين، وقال: "لو كان هناك خطة نهوض (خاصةً للنهوض الزراعي) كان بالإمكان الاستفادة من اليد العاملة السورية الموجودة بكثرة، بدل أن تزيح هذه اليد العاملة بعض الموظفين والعاملين اللبنانيين في القطاع السياحي أو العقاري أو غيره".

واعتبر قرم أن الحكومة الحالية تفتقر لنظرة اقتصادية شاملة، وقال: "التمني اليوم هو أن تستمر هذه الحكومة في أداء مهامها، وتبقى متماسكة دون أن تنفجر، لتكون سنة 2015 سنة صمود سياسي وأمني واقتصادي كما كانت سنة 2014".

واضاف: "الاقتصاد اللبناني في عمل مستمر، هناك شركات جديدة يتم بناؤها، ويوجد نشاط في البلد، خاصةً في شركات الانترنت ومجال صناعة المعلوماتية... الصورة السلبية غير صحيحة، وهناك نشاطات عديدة". وقال: "النظرة التشاؤمية هي موقف سياسي، وشماتة بالوضع الأمني الحالي.. يجب أن ننظر الى الامور بكل أوجهها الايجابية والسلبية".