قيل انه خلال السبعينات من القرن العشرين شكّل  مرفأ بيروت أهم محطة للتجارة الدولية مع الدول العربية المحيطة وهو ما زال حتى اليوم يحتفظ بهذه الميزة التجارية رغم الاحداث الامنية التي عرفها لبنان والتي شلّت حركته في بعض المراحل بشكل شبه كامل.

انه يقع عند تقاطع خط الطول 35 درجة و57 دقيقة شرقا وخط العرض 35 درجة و15 دقيقة شمالا ويشكل مركز التقاء للقارات الثلاث : اوروبا ، اسيا ، وافريقيا ، وهذا ما جعل منه ممرا لعبور اساطيل السفن التجارية بين الشرق والغرب. واليوم مرفأ بيروت  الذي يتمتع بموقع جغرافي مميز يحاول عبر تطوير قدراته من تثبيت هذا الدور العالمي.

بعد شهر او اقل سيشهد المرفأ تطويراً جديدا من شانه ليس فقط تعديل هندسته وانما تنشيط حركته وذلك بعد المباشرة بردم الحوض الرابع فيه لاستخدامه في تخزين المستوعبات التي بات حجمها يفوق طاقة محطة الحاويات الحالية. الا ان خطوة ردم الحوض الرابع لم تكن القرار السهل لحل مشكلة الازدحام في المرفأ.

ووسط السجال بين مؤيد  ورافض  للردم اصبح مؤكداً ان يبدأ المشروع مطلع العام 2015  لاسيما بعدما اعطى رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لمرفأ بيروت حسن قريطم الشركة المتعهدة الضوء الأخضر لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لمشروع توسعة محطة الحاويات لجهة الغرب في المرفأ في 17 تشرين الثاني .

وجاء القرار بعد توقيع رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر على المشروع الذي تبلغ تكلفته نحو 100 مليون دولار وتمويله سيكون ذاتيا من واردات المرفأ، ومدة التنفيذ قد تستغرق السنتين.

ومن المعلوم ان هذه الخطوة تم اتخاذها في ضوء الاتجاه العالمي السائد اليوم نحو تنشيط حركة محطات الحاويات،  لما تحققهمن مداخيل  هامة للمرافئ وهي تشكل ثلث المجموع العام،ولما لها من  أهمية فيزياد ة قدرة مرفأ بيروت الاستيعابية، خصوصاً مع النمو المطرد الذي يحقق بعدما واصل المرفأ مسيرته التصاعدية، رغم تراجع بعض نشاطاته من حين لآخر، محققاً نتائج ايجابية على مختلف المستويات، ومسجلاً رقماً قياسياً في تداول الحاويات المعدة للمسافنة.

ووفق بعض المعلومات فإن هاجس بعض المعترضين على مشروع ردم الحوض الرابع وهم تجار المواشي والحديد والخضرة والسيارات وغيرهم من المستوردين عن طريق ما يسمى "بالجنرال كارغو" يكمن في ان يؤدي ازدحام الحاويات على الرصيف المستحدث الى اخراج  البضائع الاخرى من مرفأ بيروت بصورة كاملة وتحويل عملية استيرادها عن طريق مرافئ اخرى مثل طرابلس او غيره.

وفي هذا السياق، علم ان نقابة الوكلاء البحريين سبق وقدمت اقتراحاً لتبديد مخاوف هؤلاء التجار

في غياب اعداد اي دراسة للجدوى  الاقتصادية للمشروع وهو بالاكتفاء بطمر نصف الحوض وهي اولى دراسات شركة ادارة واستثمار مرفأ بيروت على ان يجري تقييم المشروع بعد انتهاء الاعمال، بعدها يتم اتخاذ القرار اما بإتمام طمر كامل الحوض او الاكتفاء بطمر نصفه استناداً الى النتائج الفعلية للمشروع.

واثر اجتماعات متعددة بين  كل من ادارة واستثمار مرفأ بيروت ونقابة الوكلاء البحريين تم الاتفاق على اهمية اطلاق المشروع بعدما يتم الاخذ ببعض الملاحظات وسيما منها تخصيص نقطة التقاء الرصيف 14 الجديد مع الرصيف 12 لتشكل زاوية تسمح لبواخر "الرورو" بالتلبيص. وتم الاتفاق على الطلب من الاستشاري دراسة هذه النقطة ووضع المواصفات الفنية المطلوبة لتنفيذها.

وكان ادارة المرفأ قد شرحت ان الهدف من المشروع هوإنشاء محطة جديدة للبضائع العامة والمستوعبات معاً بعد طمرالحوض الرابع  وانشاء رصيف 14 جديد بطول 50متراً وعمق 16مترا. وسيخصص الرصيف 14 الجديد الذي يصل الرصيف 16 بالرصيف 12، مناصفة بين سفن البضائع العامة وسفن المستوعبات ، وتكون الافضلية لسفن البضائع العامة. وتم عرض الخطة المعدة بدءا من اعادة تأهيل وتجهيز" المول 3 " بهدف تحويله الى محطة خاصة لمناولة الحديد ومشتقاته.

ومع توقف العمل بالرصيف 14 مع بدء تنفيذ المشروع لحظت الدراسة التي قدمتها ادارة المرفأ امكانية توزيع السفن العاملة على الرصيف 14 واستيعابها على باقي الارصفة مع العلم ان الرصيف 13بما فيه الزاوية مع الرصيف 14 سيبقى يستقبل السفن لحين جهوز قسم من الرصيف 14 الجديد.

المسافنة ودور مرفأ بيروت

واذا كانت مسألة  ردم الحوض الرابع وتوسيع محطة الحاويات من شأنها زيادة الواردات في مرفأ بيروت فان اللافت فيه اليوم هو ما تشكله حركة المسافنة فيه وهي وفق رئيس جمعية النقل البحري حسن جارودي تشكل اكثر من 50% من الحركة الاجمالية. واهميتها في اعطاء مرفأ بيروت  دوراً عالمياً وجعله ضمن لائحة اهم 100 مرفأ في العالم. كما انها وفق جارودي تساهم في تخفيض اجور النقل البحري الى مرفأ بيروت بسبب كثرة الشحن اليه. و يعتبر ان المسافنة مرشحة للاستمرار في ظل التسهيلات الجمركية والمرفئية التي تتمتع بها الخطوط البحرية حالياً والاستقرار الأمني في محيط مرفأ بيروت.

والجدير ذكره ان مرفا بيروت يتم اعتماده اليوم هو من قبل الشركتين البحريتين: "MSC" السويسرية و "CMA CGM" الفرنسية كمركز لحركة المسافنة اي الترانزيت البحري الى مرافئ البلدان المجاورة. وعن مصير شركات الملاحة العالمية الاجنبية والعربية ذات الخطوط الطويلة التي طلبت التعامل مع مرفأ بيروت في وقت سابق، يشير جارودي الى ان طلب هذه الشركات جاء قبل الانتهاء  من اعمال تطويل رصيف محطة المستوعبات الذي كان 600 متر وأصبح 1100 متر مجهزاًب 12 رافعة "Gantry Crane".

وقال: "في المرحلة السابقة، لم تتمكن ادارة مرفأ بيروت من التجاوب مع رغبة بعض هذه الشركات بسبب القدرة الاستيعابية للمرفأ التي لم تكن تسمح بذلك. واثر انتهاء عملية توسعة المحطة منذ سنة تقريباً اعلن مرفأ بيروت لجميع شركات الملاحة عن امكانية استقبال خطوط جديدة لكن حتى الآن لم يوقع مع اية شركة ،علماً ان هناك امكانية لاستقبال ضعف الحركة الحالية في مرفأ بيروت. ومن بين هذه الشركات  Mercek التي جهزّت نفسها للتعامل مع مرفأ "بور فؤاد" مقابل قناة السويس الذي تم تجهيزه للمستوعبات".

اجراءات وعراقيل

ويرى جارودي ان ابرز العراقيل التي تواجه حركة المرفأ مردها التأخير في تخليص البضائع حيث كان معدل بقاء المستوعب 11 يوماً لتخليصه وهي مدة طويلة تتسبب بخسائر مادية للمستورد اللبناني، وذلك بسبب اجراءات بعض الوزارات من زراعة واقتصاد وصحة ومعهد بحوث صناعية التي لا تسمح بالافراج عن البضاعة قبل انجاز التأشيرات المطلوبة.

وعن تقييمه للحركة عام 2014 ،يقول جارودي انها مشابهة لحركة عام 2013 اي بدون وتيرة تصاعدية والعاملون في مرفأ بيروت يترقبون حركة 2014 بالنسبة لعام 2015.