عندما غادر مدينته ميدلاند بولاية تكساس، في عام 1997، بريان شيفيلد لم يكن ينوي العودة، وكان والده وجده قد كسبا ثروتهما من خلال الحفر في الآبار، ويعيشون من خلال ازدهار صناعة النفط، لكن شيفيلد كان يهدف للحصول على مهنة في مجال التمويل.

بعد حصوله على شهادة في اختصاص إدارة الأعمال، انتقل إلى شيكاغو وتداول بالعقود الآجلة. في آواخر العشرين من عمره، كان يتاجر بالسندات الألمانية من مكتب في جبل طارق، ويعيش في بلدة على الشواطئ الإسبانية.

يقول شيفيلد، لم أكن أحلم أن أصبح رجل النفط، ويؤكد أنه ذلك المغناطيس الذي سحبه إلى الوراء ليعود إلى ميدلاند.

لفتت صناعة النفط شيفيلد، بعدما دفعت به مقايضات سعر الفائدة والديون السيادية إلى الخروج من هذا المجال، مؤكدا أن دخله لم يصل يوما إلى 100,000 $ في السنة على الرغم من تصدعه على طاولة التداولات. ويضيف لقد كنت أشرب الجعة بينما اصدقائي كانوا يحتسون النبيذ الفاخر الذي يصل سعره إلى مئات آلاف الدولارات.

شيفيلد الذي يبلغ من العمر 36 عاما أصبح بأمكانه الحصول على اغلى وارقى الأشياء، وبعد مرور سبع سنوات له في تكساس، استطاع أن يبني شركة سريعة النمو لإنتاج النفط والغاز تملك 650 بئرا و 4000 موقع للحفر في المستقبل حول ميدلاند.

ثورة التكسير

هناك العديد من القصص التي رويت عن نجاح شيفيلد، إضافة إلى ثورة التكسير في الولايات المتحدة التي زادت إمدادات النفط المحلي وخفضت الواردات. لقد كان نجاحه سريعا، كمؤسس، رئيس تنفيذي وأكبر مساهم في شركة "Parsley Energy"، وأصبح شيفيلد مليارديرا عندما تولى إدارة الشركة في شهر أيار.

حقل "Spraberry Trend" النفطي

ثروة شيفيلد اتت من 13.4 مليون سهم في "Parsley Energy" والتي تمثل حصة أكثر من 14 %، بالأضافة إلى أوراق مالية قابلة للتحويل التي يمكن أن تتيح له فرصة إضافية بـ22.7 مليون سهم.

تم اكتشاف النفط قرب ميدلاند في عام 1943، وهو متواجد في الصخور ويدعى الحقل "SpraberryTrend" وهو ملك "Parsley Energy" ويعد هذا الحقل ثاني أكبر حقل في أميركا بعد حقل آلاسكا.

حقول بخيلة

لسوء الحظ، فإنه من الصعب إستخراج النفط من هذه الحقول، ففي العام 1953، بعد عقد من الزمن لإكتشاف النفط، أكدت مجلة "تايم" أن "SpraberryTrend" هو أكبر حقل نفط غير اقتصادي في العالم.

الحفر التقليدي يوفر 6% من النفط الموجود، في حين أن متوسط معدل الاسترداد من حقل النفط هو 35%.

حتى في هذا المجال البخيل، استطاع بعض الحفارين من تحقيق النجاح على مدى العقود، ومن بينهم أسلاف براين شيفيلد.

في أواخر سنة 1960، بدأ جو بارسلي وصديقه هوارد باركر بمشروع الإستخراج الذي أصبح اليوم شركة "باركر&بارسلي للنفط"، وقد حققوا الأرباح من هذه الحقول الصخرية.

والجدير بالذكر أن سكوت شيفيلد هو ابن جو بارسلي بالتبني وهو والد براين شيفيلد الذي انضم مؤخرا إلى هذا المطاف.

الازدهار والكساد

يقول براين شيفيلد، أنه في عام 1997، عندما تخرج من المدرسة الثانوية كانت الأوضاع صعبة في قطاع النفط. ويتذكر ان والده قطع ميزانيات العمال وطرد البعض من الشركة بعدما تحول الأزدهار إلى كساد بسرعة مفاجئة.

وبعد مرور عقد على مغادرته، عاد شيفيلد إلى ميدلاند، بعدما خمدت محاولات شيفيلد في عالم التجارة، وكان جده قد أقنعه بالفكرة لدخول قطاع النفط.

عندما تشكلت "بايونير"، احتفظ بارسلي بالحق في تشغيل 109 بئرا، كان قد حفرها في وقت سابق. هنا بدا شيفيلد في عام 2007 بإدارة هذه الآبار، التي قدمت له بعض الدخل وشكلت وسادة مالية له.

كان في بادئ الأمر يتولى تحصيل الرسوم والإشراف على فرق الصيانة، وبعدها قرر أن الوقت قد حان لتعلم هذه الصناعة بدقة.

ويقول أنه فهم العقود الآجلة وآلية عملها وبعض أمور المحاسبة، وأكد أن هذا كان كل ما يعلمه عن التجارة والتكهن والتحوط. ولأكثر من عام عمل شيفيلد لدى "بايونير" ودرس كيف تتم الأمور واطلع على آلية العمل، مضيفا انه كان يتصل بجده يوميا في تلك الفترة.

شراء عقود الإيجار

في عام 2009، بدأ شيفيلد بجمع المال من أجل مشاريع الحفر الخاصة به، وقام بإستدانة 500,000$ من كورتيس كايم وهو أحد أصدقاء والده، ليتم تسديدها على مدى خمس سنوات.

بدأ شيفيلد بشراء عقود الإيجار بعدما أدت الأزمة المالية والركود العالمي بأسعار النفط إلى الإنخفاض لأدنى مستوى لها في خمس سنوات.

ولقد حصل على ما يسمى بالحقوق المقطوعة، التي تعطي للمشتري الحق في حفر تحت الطبقات العليا من الصخور التي يتم تأجيرها، وقد سمح هذا لشيفيلد بالحصول على تكوين جيولوجي أعمق تحت الأرض.

في ذلك الوقت كانت ثورة التكسير والحفر قد بدأت، وكانت تقنيات الحفر الأفقي قد وصلت إلى شيفيلد، الذي كانت نيته إستخراج المزيد من النفط من تلك الحقول القديمة، وسرعان ما ادرك أن طرق الحفر الجديدة فتحت إمكانية لتحقيق الربح بشكل أكبر.

حقل "Permian Basin" النفطي

صرح سكوت شيفيلد والد براين، ان تطوير "Spraberry" و "Permian Basin" بدأ لتوه، ويضيف أن الناس سوف تلاحق هذه المناطق للمائة عام القادمة، وسيصبح الـ"Permian" أكبر حقل في الولايات المتحدة وإحدى أفضل 10 حقول في العالم.

مع مجموعة متنامية من مواقع الحفر، استطاعت "بارسلي إنيرجي" من جذب مستثمرين أكبر، وقد أطلق عليها هذا الأسم تيمنا بإسم جده.

المعرفة المحلية

علاقته الأسرية ساعدته في الإنطلاق ومعلومات أقاربه حول الحقول المحيطة بميدلاند وجهته إلى الطريق الصحيح، وبالرغم من ذلك استطاع شيفيلد ان يبني نجاحه في الغالب من خلال قرارته الذكية، وكان مفتاح نجاحه عمله ضمن الخطة التي وضعها وبفضل فريقه المميز.

وصول "إكسون موبيل"

يقول شيفيلد، أن الإثارة المتزايدة بشأن "Spraberry" أقلقته كثيرا بقدر ما قد يزيد المنافسة على المعدات، المؤن، الخدمات والموظفين الموهوبين وبالتالي ترتفع النفقات.

"اكسون موبيل كورب" اشترت مؤخرا 40،000  فدان أي ما يعادل16،000  هكتار، وهي متاخمة لأرض "بارسلي إنيرجي"، لقد أغضبني ذلك يقول شيفيلد، ويضيف شركة كبيرة ذات إمكانيات ضخمة تريد الأستثمار هنا ما قد يرفع التكاليف.

ويؤكد شيفيلد، أنه من أجل الحفاظ على تكاليف منخفضة والمساعدة في التوظيف لأن الناس في الكثير من الأحيان لايرغبون في الأنتقال إلى ميدلاند، فقد نقلت "بارسلي إنيرجي" مقرها في آب إلى أوستن التي تبعد 500 كيلومترا إلى الشرق.

ويضيف لقد كانت أوضاع صعبة للنفط في تلك المرحلة، ولكن لحسن حظنا كان لدينا مساحة كبيرة للتنقيب فيها. وحتى مع الإنخفاض الكبير للنفط ومخزونه، استطاع شيفيلد ان يجني 900 مليون دولار وهو افضل حالا بكثير مما كان عليه كتاجر يعيش على ساحل البحر المتوسط.