قال رئيس الحكومة تمام سلام خلال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2014  بعنوان "اي اقتصاد عربي ينتظرنا" ان بيروت تستضيف وتحتضن مرة جديدة حدثا اقتصاديا بارزا وتستقبل رجال المال والاعمال العرب المؤثرين في العالم العربي. لافتا الى ان بيروت ستبقى عاصمة العرب وارضا للتلاقي ومنبعا للكفاءات العالية. واضاف سلام ان وجود مقر اتحاد المصارف العربية في بيروت دليل على تمسك الاسرة المصرفية العربية في لبنان وتؤكد اهتمامها بالقطاع المصرفي اللبناني الذي اثبت انه قادر على تحمل الضغوط وتحقيق نمو بنسب جيدة رغم الاوضاع السيئة.

وقال "نجح القطاع المصرفي ايضا في الالتزام بالنظم والمعايير الدولية وخصوصا فيما يتعلق بموضوع تبييض الاموال وتمويل الارهاب... والمساهمة الاكبر في هذا النجاح تعود الى السياسة الحكيمة للمصرف المركزي.. كما تمكنت القطعات الاقتصادية الاخرى من النجاة رغم الاوضاع السيئة والخسائر الكبيرة. ولكن الواقعية تقتضي منا القول ان هذا الصمود لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية في ظل الاوضاع الراهنة، واذا كانت تسوية الوضع الاقليمي ابعد من قدراتنا فنحن يمكننا التخفيف من الاثار السلبية من خلال العودة الى سياسة داخلية حكيمة، والمدخل الى هذه السياسة هو انتخاب رئيس للجهورية وانهاء هذا الفراغ".

وختم سلام بموضوع اللاجئين السوريين لافتا الى ان لبنان يدفع من لحمه الحي ثمن استضافة اللاجئين داعيا الحاضرين من اصحاب الأعمال والمتمولين العرب الى القيام بمبادات ومساعدة لبنان والوقوف الى جانبه.

وقال "انتم رجال الاقتصاد والمال انجح منا بكثير نحن السياسيون، لانكم عملتم وثابرتم دون ان تنتظروا ان ينتهي الساسيين من خلافاتهم لانه ببساطة هذه الخلافات لن تنتهي... نفخر بكم ونتمنى ان تنتقل عدوى النجاح من عالم المال الى عالم السياسة".

جاء كلام سلام خلال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2014، الذي يقام في فندق "فينيسيا" في بيروت تحت عنوان "أي إقتصاد عربي ينتظرنا؟" والذي حضره كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية محمد بركات، رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربية، رئيس جمعية مصارف لبنان فرانسوا باسيل، ووزير الإقتصاد اللبناني ألان حكيم، إضافة الى عدد من رؤساء المصارف المركزية العربية، ورجال الأعمال العرب، ووسائل إعلامية عربية ومحلية.

من جانبه أشار حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة الى انه "في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتي امتدت إلى الأسواق الناشئة أصبح على المصارف المركزية في العالم وفي المنطقة أن تتحمل مسؤوليات إضافية ربما ترغمها على توسيع ميزانياتها ما يعرض الأسواق التي  تعمل فيها إلى تقلبات حادة نتيجة زيادة السيولة.  سيكون المتنفس لهذه التقلبات حسن إدارة السيولة وإدخال أدوات صادرة عن المصرف المركزي معنية  باستيعاب هذا الكم من السيولة وذلك بغياب إمكانية تحريك الفوائد لهذا الغرض بعد أن بلغت الصفر بالمئة".

وأضاف "لقد اعتمدت المصارف المركزية العالمية مبدأ شراء سندات سيادية وسندات وأوراق من القطاع الخاص في البلاد التي هي مسؤولة عنها، وذلك تفاديا للازمات وأيضا لضخ السيولة بعدما انخفضت  معدلات التضخم إلى مستويات غير صحية.

وعلى المصارف التجارية والاستثمارية أن تتأقلم مع هذا الواقع الجديد والمستمر وأن يكون لديها الجهوزية لاستيعاب هذه السيولة بسرعة وأن تكون أيضا فعالة في استثماراتها تفاديا للمخاطر.

على القطاعات الاقتصادية أيضا استعمال العملات بشكل آمن حفاظا على مداخيلها، إذ سنشهد تقلبات مهمة  ما بين أسعار العملات الأساسية عالميا.

وكذلك، على المصارف المركزية في العالم تحمل مسؤوليات إضافية للمحافظة على الاستقرار ولذلك عليها أن تنظم مصارف الظل التي أصبحت تحتل جزءا كبيرا من السوق التسليفي، وأن تكون لاعبا في تحفيز التسليف.

وفي هذا الصدد، قرر مصرف لبنان إطلاق رزمته الثالثة للعام 2015  والتي تقضي بإقراض المصارف مليار دولار أميركي بفائدة 10% من أجل السكن والمشاريع الجديدة والمشاريع  المتعلّقة بالبيئة والتحصيل الجامعي.

لقد توسع مصرف لبنان في ميزانيته منذ التسعينات وذلك للمحافظة على الاستقرار في التسليف والاستقرار في أسعار العملة اللبنانية، وقد عمد لهذه الغاية، على شراء أوراق حكومية والاستثمار أحيانا في القطاع الخاص وشراء عقارات من المصارف لتأمين السيولة لها".

وقال سلامة "نحن سنستمر في هذه السياسة التي أصبحت اليوم معتمدة عالميا. كما سنتابع تحفيزنا للمصارف  للاستثمار في اقتصاد المعرفة من اجل المحافظة على الثقة وعلى الاستقرار، أكان الاستقرار التسليفي أو الاستقرار في الأسعار، سيستمر مصرف لبنان في سياسته  القائمة  على إدارة أسعار الصرف بين الدولار الأميركي والليرة اللبنانية  ويبقيها بين الـ1501 والـ1514".

"لقد بادر مصرف لبنان واصدر عدة تعاميم واخذ عدة تدابير من اجل الحفاظ على سمعة لبنان وعلى الاستقرار التسليفي.

تعمل هيئة التحقيق الخاصة وهي هيئة مكافحة تبييض الأموال على تنفيذ جدي للقوانين والتعاميم التي تحمي سمعة لبنان وتبقيه منخرطا في العولمة المالية، وتحمي عمل المصارف المراسلة معه.

كما يعمل المجلس المركزي على إصدار التعاميم اللازمة التي تمكّن لبنان من المحافظة على استقراره التسليفي ولا سيما تلك التعاميم التي ترتبط بتنظيم  القروض الاستهلاكية التي أصبحت تمثل 28% من محفظة المصارف الائتمانية والتي أصبح تسديدها  يكلّف  الأسرة اللبنانية  50% من مدخولها.

إن تعاميم مصرف لبنان وضعت ضوابط لهذا النوع من الإقراض، وطالبت باحتياطات ومؤونات عامة  على هذه المحفظة وعلى باقي المحفظة الائتمانية للقروض غير الاستهلاكية.

كما أقرّ المجلس  المركزي إنشاء وحدة لحماية المستهلك ووحدة للاستقرار المالي بغية الحفاظ على الثقة بالمصارف اللبنانية. كذلك وضعنا ضوابط إضافية على الاستثمارات  الخارجية للمصارف و ووضعنا حدودا للرافعة المالية مقابل الأدوات المالية.

نحن على كامل الثقة بأن نظامنا المصرفي وقطاعنا المصرفي سيبقيان الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني وسيبقى القطاع المصرفي قطاعا منخرطا في العولمة المالية".

بدوره قال رئيس جمعية مصارف لبنان فرانسوا باسيل أن لبنان يعاني عجزا سنويا كبيرا وصل الى 5 مليارات دولار هذه السنة، وأن التطورات الأمنية والسياسية في المنطقة إنعكست سلبا على لبنان بسبب سياسة التريث والترقب التي تم إتباعها، لافتا الى أن التحويلات الخارجية والتسليفات المصرفية هي التي ساهمت في دعم الحركة الإستهلاكية والإستثمارية.

وأضاف باسيل أن الدين العام اللبناني وصل الى 66 مليار دولار أي 140% من الناتج المحلي، إلا أن كل هذه الأمور لا تؤثر كثيرا على نشاط المصارف، وقال "سائرين على الدرب الصحيح بسبب ثقة مودعينا، وإلتزامنا بالقوانين الدولية".

وأشا باسيل الى أنه "سنة بعد سنة يعترف المجتمع الدولي بتقدمنا السليم، بالتنسيق مع مصرف لبنان، حتى بات القطاع المصرفي اللبناني يشكل 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت موجوداته في أيلول الماضي 171 مليار دولار أميركي، إضافة الى ودائوصلت الى 145 مليار دولار، وتسليفات للقطاع الخاص بلغت 50 مليار دولار.

أما رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية محمد بركات فتحدث عن الدور الإستراتيجي الذي يجب أن تلعبه المصارف العربية لتحفيز النمو الإقتصادي في البلدان التي تعمل فيها، ولتدعم الإقتصاد الوطني. كما تطرق الى أليات وإجراءات التنفيذ التي يجب أن يتم إتباعها، والى الحلول المتاحة التي يمكن أن تخدم القطاع المصرفي العربي.

وتستمر أعمال المؤتمر حتى ظهر يوم غد الجمعة، حيث يتخلل عدد من جلسات العمل أهماها "الإقتصاد العربي ... مرحلة إتخاذ القرارات الحاسمة"، "الإحتياجات المتغيرة في الإقتصاد العربي"، التغيرات السياسية وإنعكاساتها على الإقتصاد"، "الدور المستقبلي للإقتصاد الإسلامي"، و"تفعيل المبادرات الدولية والعربية لتعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة".